الكثير منا يجهل أسباب الدهشة والتفاجؤ, لا بل الاستنكار أحياناً, مما نشعر به عند مشاهدتنا الصور الملتقطة لنا بوساطة الكاميرات, وكذا عند سماعنا أصواتنا المسجلة بأي طريقة تسجيل بالنسبة لي, أنا لم أحب قط أي صورة تخصني, سواء أكانت صورة شخصية (شمسية) في الأستوديو أو صورة جماعية مع أصدقائي أو أقاربي, أو غير ذلك من الصور وأحس بالحرج عند سماع صوتي المسجل, خاصة إذا كان التسجيل يضم أصوات أشخاص آخرين, لأنني أسمع التسجيل يظهر أصوات الجميع طبيعية إلا صوتي فيكون نشازاً! وأصبح عندها أترقب التعليق والسخرية بسبب التسجيل المضحك لصوتي! لكن ما كان يحيّرني أن كل من أعرفهم لم يبدوا أي استغراب ولا استهجان عند مشاهدة صوري أو سماع تسجيل صوتي. والأغرب من ذلكم أنهم هم أيضاً كانوا يشعرون تجاه صورهم وأصواتهم بشعور مشابه لما وصفته لكم أنا متأكد أن معظم من يقرأ هذا قد مرّ بتجربة مشابهة, أو على الأقل يعرف ما الذي أعنيه من كلامي
وإليكم تفسير هذه الظواهر..
عند النظر إلى الصور الملتقطة بآلات التصوير, فإنّا نتوقع مشاهدة صورة مطابقة لما نراه عند النظر في المرآة. والحقيقة أن هذا لن يحدث مطلقاً, لأن الانعكاس في المرآة هو "انقلاب أفقي" لصورة الكاميرا
وإليكم اختباران بسيطان للتأكد من كلامي..
1- عند وقوف شخص أمام مرآة وملاحظة صورته المنعكسة عليها فسوف نرى وجهاً يختلف قليلاً عما اعتدنا عليه له
2- لو قام أحدنا بإدخال صورته (المطبوعة على الورق الخاص للتصوير) إلى الحاسوب عن طريق الماسحة الضوئية (السكانر) وأجرى "قلباً أفقيّاً" على الصورة المدخلة باستعمال برامج معالجة الصور, فإن الناتج سيكون مماثلاً لما يراه في المرآة, وبالتالي سيشعر بالارتياح للصورة أما عن اختلاف أصواتنا الحقيقية والمسجلة, فذلكم سببه أنّنا عند التحدث نسمع الصوت الصادر منّا مرتين؛ مرة عن طريق الموجات الخارجة من الفم إلى الجو ثم إلى الأذن, ومرة عن طريق الموجات التي تنتقل بشكل مباشر وداخلي من الفم إلى الأذن وهذا يعني أنّ أصواتنا التي نسمعها عندما نتكلم هي تداخل حزمتين من الأمواج بينهما فرق في الزمن وفي التردد بسيط للغاية ولهذا فإن ما نسمعه من تسجيل لأصواتنا يخلو من الحزمة الصوتية المباشرة, فيكون الصوت الناتج مختلفاً عمّا اعتدنا على سماعه
ليست هناك تعليقات